فرشاة الأسنان ودورها في الوقاية من نزلات البرد | صحة الفم والجهاز التنفسي

فرشاة الأسنان ودورها في الوقاية من نزلات البرد | صحة الفم والجهاز التنفسي
فرشاة الأسنان ودورها في الوقاية من نزلات البرد

الابتسامة الصحية تبدأ بالفم السليم، لكن ما إذا كانت فرشاة الأسنان تقتصر وظيفتها على تنظيف الأسنان فقط؟ في السنوات الأخيرة، ظهرت دراسات ربطت بين صحة الفم والجهاز التنفسي، مما أثار اهتمامًا متزايدًا بالدور الوقائي لروتين العناية بالأسنان ضد أمراض مثل الالتهاب الرئوي ونزلات البرد، في هذا المقال، سنستكشف الأسس البيولوجية التي تربط بين فم نظيف وجهاز تنفسي أقل عرضة للعدوى، نسلّط الضوء على الأدلة العلمية، ونقدّم نصائح عملية للاستفادة القصوى من فرشاة الأسنان في دعم المناعة وتقليل المخاطر.

مفهوم فرشاة الأسنان ودورها التقليدي

  • وظيفة فرشاة الأسنان هي إزالة البلاك (اللوحة الجرثومية) وبقايا الطعام من سطح الأسنان واللثة، مما يساعد في الوقاية من التسوّس، التهابات اللثة، ورائحة الفم الكريهة.
  • الوقاية من الالتهاب في الفم تُعدّ حجر الأساس للحفاظ على توازن الميكروبات في الفم، فكلما قُمنا بالتنظيف الجيّد والمنتظم، قلّت البكتيريا الضارّة التي قد تهاجم الجهاز التنفسي عند الوصول إليه.

كيفية تلوّث فرشاة الأسنان بالبكتيريا والفيروسات

  • تظهر الدراسات أن فرشاة الأسنان غالبًا ما تتلوّث ببكتيريا فمويّة، أي أن البكتيريا التي كانت في اللويحة الفموية تنتقل إلى الشعيرات خلال الفرشاة.
  • ويمكن أن تتلوّث الفرشاة بميكروبات الهواء أو من مصادر بيئيّة مثل تنظيف المرحاض أو التهوية، فغرفة الحمام تمثّل بيئة رطبة مواتية لنمو البكتيريا.
  • بخصوص الفيروسات، دراسات مختبرية على فيروسات الإنفلونزا وبعض فيروسات كورونا أظهرت أن الفيروسات قد تكون قابلة للوجود بشكل مؤقت على شعيرات الفرشاة، لكن قدرتها على العدوى (اللقاء بكمية كافية لإحداث عدوى) تقلّ تدريجيًا بفعل التجفيف والغرْس بالماء.
  • في دراسة مختبريّة، بعد شريحة زمنية لتجفيف الفرشاة وغسلها، تم تقليل الحمل الفيروسي بشكل كبير على الفرشاة.
  • بالتالي، مع أنّ الفرشاة قد تكون حاملة لبعض الميكروبات، إلا أن وجودها وحده لا يعني بالضرورة أنها مصدر رئيسي للعدوى للإنسان السليم.

ارتباط صحة الفم بالأمراض التنفّسيّة (نزلات البرد، الالتهاب الرئوي)

لماذا قد تؤثر صحة الفم على الجهاز التنفسي؟ إليك بعض الآليات المقترحة:

  • الارتجاع والتنبيب (aspiration): قد تَدخل جراثيم الفم إلى القصبات والرئتين عبر التنفس أو البلع، خاصة في الأشخاص الذين لديهم ضعف في البلع أو سوائل ملوّثة في البلعوم.
  • الالتهاب المنبعث من الفم: الفم المليء بالبكتيريا قد يساهم في التنشيط المزمن للمناعة وإنتاج المهيّجات الالتهابية التي تؤثر على الجهاز التنفسي.
  • اللقاح الفموي إلى الجهاز التنفسي العلوي: الجراثيم من الفم قد تستعمر المريء والبلعوم، فتزيد من مخاط الجهاز التنفسي أو تغيّر التوازن الميكروبي.
  • عوامل مشتركة: الأشخاص الذين يهتمّون بصحة الفم غالبًا ما يكونون أكثر وعيًا صحيًا بشكل عام (نظام غذائي أفضل، عادات غسل اليدين، إلخ).
  • دراسة كورية واسعة بينت أن الأشخاص الذين يُفرشون أسنانهم بتكرار مرتفع تكون لديهم نسبة أقل من الإصابة بالالتهاب الرئوي مقارنة بمن يقلون من ذلك.
  • ثم أن حالات الالتهاب الرئوي المكتسبة في المستشفيات تقلّ لدى الأشخاص الذين يُمارسون تنظيف الأسنان بانتظام عند حالات الاستشفاء.
  • في مرضى الخطر (مثل الذين يخضعون لتهوية ميكانيكية في وحدة العناية المركّزة)، وجد أن إدخال الفرشاة ضمن بروتوكول العناية الفموية يُقلّل من وجود بكتيريا ممرضة في الفم، ما قد يحدّ من انتقالها للرئة. (BioMed Central)
  • وعلى الرغم من أن الأدلة حول نزلات البرد (فيروسية في الغالب) أقل وضوحًا، إلا أن تقليل الحمل الجرثومي في الفم قد يقلّل الضغط على جهاز المناعة ويخفض فرص مضاعفات ثانوية (عدوى بكتيرية إضافية).

أدلة علمية تربط بين تنظيف الأسنان والمضاعفات التنفّسيّة

  • في مراجعة منهجيّة تحليلية، وُجد أن تنظيف الأسنان مرتين يوميًا يقلّل بنسبة حوالي 33٪ من خطر الإصابة بالالتهاب الرئوي المكتسب في المستشفيات.
  • تحليل آخر أشار إلى أن بين كل 12 مريضًا يخضعون لتهوية ميكانيكية، يمكن وقاية حالة واحدة من الالتهاب الرئوي فقط بإدخال تنظيف الأسنان ضمن الرعاية.
  • في دراسة سكانية (الكورية) على مدى عشر سنوات، تم ربط التكرار العالي في تنظيف الأسنان بانخفاض خطر الإصابة بالتهاب رئوي — حيث أظهر من ينظفون أسنانهم بشكل متكرر نسبة مخاطر أقل.
  • ورقة مراجعة بحثية حول تلوث الفرشاة استعرضت كيف تتلوّث الفرشاة بالبكتيريا والطرق الممكنة لتطهيرها، مشدّدة على أهمية اختيار تصميم الفرشاة، طريقة التخزين، والتعقيم.
  • دراسات حديثة أيضًا تدعم أن استخدام فرشاة الأسنان مع معاجين أو مضمّضات تحتوي على مركبات مضادّة قد يساعد في خفض الجراثيم الفموية التي قد تُسهِم في العدوى التنفسية.
  • بوجه عام، الأدلة أقوى في حالات المرضى المعرّضين، كالمقيمين في وحدات العناية المركّزة أو المتهوِّئين ميكانيكيًا، من أنها قوية جدًا بين الأشخاص الأصحّاء في الحياة اليومية.

أفضل الممارسات لاستخدام فرشاة الأسنان للوقاية

إليك مجموعة من النصائح العملية المستندة إلى البحوث لتحسين دور فرشاة الأسنان في دعم الصحة التنفسية:

  • فرش مرتين يوميًا: صباحًا ومساءً (قبل النوم) هذا يقضي على البكتيريا المتراكمة خلال اليوم.
  • تقنية صحيحة: لا تفرّش بعنف، استخدم حركة دائرية أو طريقة “باس” المعدّلة (Bass method) لتفكيك البلاك بلطف دون إتلاف المينا أو اللثة.
  • استخدام معاجين فعالة: معاجين تحتوي على الفلورايد أو مضادّات ميكروبية قد تساهم في تخفيض البكتيريا الفموية الضارّة.
  • تنظيف اللسان: الكثير من البكتيريا تتواجد على سطح اللسان، فتنظيفه أو استخدام مكشطة يكمّل فعالية الفرشاة.
  • استخدام مضمّضات فعّالة عند الحاجة: في أوقات المرض أو ضعف المناعة، يمكن استخدام مضمّض مطهّر (مثل الكلرهكسيدين بتركيز مناسب) لفترة مؤقتة.
  • لا تشارك فرشاة مع أحد: المشاركة قد تنقل الجراثيم أو الفيروسات بين الأفراد.
  • دع الفرشاة تجفّ في الهواء: بعد الاستخدام، اشطفها بالماء، صفّيها، واتركها مكشوفة في مكان جاف وتهوية جيدة الرطوبة تُساعد على بقاء الميكروبات.
  • تخزين بشكل صحي: لا تضع الفرشاة مغطاة بالكامل أو في حاوية مغلقة ما لم تكن جافة تمامًا.

متى تغيّر الفرشاة؟ ونصائح العناية بها

  • يُوصى بتغيير الفرشاة كل 3 إلى 4 أشهر أو حتى عندما تبدأ الشعيرات بالتلف أو الانحناء.
  • إذا كنت مريضًا بنزلة برد شديدة أو التهاب في الفم، فقد يفضل البعض استبدال الفرشاة فور التعافي لتجنّب إعادة التعقيم الذاتية.
  • تجنب استخدام فرشاة ذات شعيرات قاسية للغاية لأنها قد تسبّب تآكلًا في سطح السن (abrasion) مع الاستخدام القوي.
  • بعض الأدوات المنزلية أو أجهزة التعقيم (مثل الأشعة فوق البنفسجية أو محطات تعقيم متخصصة) قد تساعد في خفض عدد الميكروبات على الفرشاة، لكن استخدامها ليس ضروريًا للجميع.

الفرشاة وسلاحك السري ضد الأمراض التنفسيّة

  • قد تبدو فرشاة الأسنان كأداة بسيطة في دورة روتينية يومية، لكنها تمثّل نقطة اتصال بين الفم والبيئة المحيطة. من خلال النظافة الجيّدة للفم، يمكننا خفض الحمل الجرثومي الداخلي ومنع انتقاله نحو المجاري التنفسية، مما يقلّل من فرص الإصابة بمضاعفات مثل الالتهاب الرئوي أو تفاقم نزلات البرد.
  • بالرغم من أن الأدلة المباشرة بين فرشاة الأسنان ونزلات البرد الفيروسية محدودة، فإن التخفيق من الجراثيم الفموية يدعم جهاز المناعة ويقلل إجمالي الضغوط الالتهابية في الجسم، لذا اجعل من تنظيف الأسنان ممارسة يومية صلبة، ليست فقط لابتسامتك، بل لصحتك التنفسية أيضًا.

تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *