
غالبًا ما يُستهان بالكبد في قائمة الأطعمة اليومية، لكنه في الواقع يحمل قيمة غذائية عالية تجعله خيارًا مثيرًا للاهتمام لمن يسعى لتغذية صحيّة متوازنة. كبد الفراخ غني بالفيتامينات والمعادن البروتينية التي تدعم صحة الدم، الجهاز العصبي، والمناعة، لكن هل لهذا “الكنز الغذائي” جانب مظلم؟ هل هناك مخاطِر تُرافق الإفراط في تناوله؟ في هذا المقال سوف نغوص سويا في ما يحدث في جسمك حين تأكل كبد الفراخ: الفوائد، الأضرار، الجرعات الموصى بها، ونصائح للاستفادة القصوى منه بأمان.
ما هو كبد الفراخ من الناحية الغذائية؟
كبد الفراخ يُعدّ عضوًا مزوّدًا بتركيز كبير من العناصر الغذائية. إليك بعض القيم الأساسية:
- يحتوي على نسبة عالية من البروتين الضروري لبناء الأنسجة وتجديدها.
- غني بفيتامينات B-12 و حمض الفوليك (B9)، وهي ضرورية لإنتاج خلايا الدم الحمراء وصحة الجهاز العصبي.
- يحتوي على فيتامين A بنوعه “المُشَكَّل” (retinol) بكمية كبيرة، ما يجعله مصدرًا قويًا لهذا الفيتامين.
- يزوّد الجسم بالحديد (خصوصًا الحديد الذي يُمتَص بسهولة في الكبد)، والنحاس، والزنك.
- يحتوي على معادن تتضمن النحاس، التي قد تكون ضمن التركيزات الأعلى لبعض الأعضاء الحيوانية.
باختصار: كبد الفراخ “مغذٍّ جدًا” إذا تمّ تحضيره واستهلاكه بشكل مدروس.
الفوائد الصحية لكبد الفراخ
إليك أبرز الفوائد التي يمكن أن يجنيها الجسم من تناول كبد الفراخ باعتدال:
- دعم صحة الدم ومكافحة الأنيميا: الحديد الموجود في الكبد يساعد على تكوين الهيموغلوبين ونقل الأكسجين في الدم، ما يقلّل من خطر الإصابة بفقر الدم.
- تعزيز الجهاز العصبي والدماغ: فيتامين B12 مهم جدًا لوظائف الأعصاب، وقد يساعد في تحسين الذاكرة والتركيز.
- أيضًا، الكبد يحتوي على الكولين (choline) الذي يُساهم في دعم وظائف الدماغ والاتصال العصبي — وهو من العناصر التي يفتقر إليها بعض النظام الغذائي الحديث.
- تقوية المناعة والأنسجة: فيتامين A يُعتبر مهمًا لصحة الجلد، الأغشية المخاطية، العين، ودعم المناعة ضد العدوى.
- العناصر المعدنية مثل الزنك والنحاس أيضًا تساهم في العمليات المناعية والصيانة الخلوية.
- مساهمة في النمو وتجديد الخلايا: بفضل البروتينات والفيتامينات والمعادن، قد يساعد تناول الكبد في فترات النمو (كالأطفال) أو التعافي من المرض أو الجروح.
المخاطر والآثار السلبية المحتملة
رغم الفوائد، هناك عدة نقاط يجب الانتباه إليها:
- الإفراط في فيتامين A – تسمم فيتامين A (Hypervitaminosis A):
- الكبد يحتوي على فيتامين A بشكل مركز، وإذا تناولته بكثرة يمكن أن يؤدي إلى تراكمه في الجسم وحدوث أعراض مثل الغثيان، الدوخة، صداع، ضعف العظام أو هشاشتها.
- النساء الحوامل خصوصًا يجب أن تكون حذِرات عند استهلاك الكبد؛ لأن الجرعات العالية من فيتامين A قد ترتبط بعيوب جنينية.
- ارتفاع الكوليسترول: الكبد غني بالكوليسترول، وقد يكون استهلاكه بكثرة مصدر قلق لمن لديهم أمراض قلب أو مستويات كوليسترول مرتفعة.
- مخاطر التلوث البكتيري (Salmonella, Campylobacter):
- الكبد يمكن أن يحتوي على جراثيم داخلية وخارجية، وإذا لم يُطهى جيدًا قد يسبب تسمّمًا غذائيًا مثل العدوى بـ Campylobacter أو Salmonella.
- الإبلاط (غليان داخلي) يجب أن يصل إلى درجة أمان (حوالي 73.9 درجة مئوية أو أعلى) لضمان القضاء على الميكروبات الضارة.
- تراكم النحاس: كمية النحاس في الكبد قد تكون كبيرة، والإفراط فيها مع الوقت يمكن أن يؤدي لمشاكل تتعلق بالتوازن المعدني والضغط التأكسدي.
- زيادة حمض اليوريك والنقرس: لأن الكبد يحتوي على نسبة من البيورينات التي تتحول إلى حمض اليوريك، فإن الأشخاص الذين يعانون من النقرس أو لديهم ميول لارتفاع حمض اليوريك يجب أن يكونوا حذرين.
- مشاكل في الكلى أو أمراض مزمنة: في حالات بعض أمراض الكلى أو الكبد قد يشكّل استهلاك الكبد عبئًا إضافيًا على الأعضاء أثناء معالجته للفضلات، كما أن الكبد قد يحمل رواسب بيئية أو بقايا دوائية في بعض الحالات.
ماذا يحدث في جسمك عند تناول كبد الفراخ؟
عندما تستهلك كبد الفراخ باعتدال:
- تمتص جسمك فيتامين A، فيتامين B12، الحديد، والنحاس، وتستخدمها لدعم الخلايا، الجهاز المناعي، وتحسين وظائف الدماغ والجهاز العصبي.
- الجهاز الهضمي يكسر البروتينات والمعادن ويمتصها حسب احتياجك الفسيولوجي.
- إذا تجاوزت حاجة الجسم من فيتامين A أو النحاس، يبدأ الجسم بتخزين الفائض في الأنسجة أو التخلص منه ببطء، مما قد يؤدي إلى تراكم مفرط أو آثار سلبية مع الوقت.
- إذا لم يُطهَ الكبد جيدًا، قد تدخل بعض البكتيريا الضارة إلى الجهاز الهضمي فتسبّب اضطرابات معوية أو تسمّمًا غذائيًا.
باختصار: الكبد مفيد جدًا عند تناوله بمقدار معتدل وبطريقة صحيحة، لكن الإفراط أو التحضير غير الآمن قد يُفعّل الجانب السلبي منه.
الكمية الموصى بها وكيفية الاستفادة منه بأمان
- الأطباء والتغذويون غالبًا يوصون بتناول كبد الفراخ مرة إلى مرتين في الأسبوع كحد أقصى للأشخاص الأصحاء.
- اختر كبدًا طازجًا من مصادر موثوقة (دجاج مزارع نظيفة، بدون إفراط في استخدام المضادات أو المواد الكيميائية).
- قومي بنقعه قليلًا في الحليب أو الماء البارد قبل الطهي للتقليل من طعمه المُرّ ولتنقية بعض الشوائب.
- طهي الكبد جيدًا إلى الداخل، لا تتركيه “ورديًا” في منتج مثل الباتيه ما لم تتحققي من القاعدة الصحية.
- تجنّبي الإضافة المفرطة من الدهون أو القلي العميق؛ الأفضل الطهي السريع أو التحميص أو القلي الخفيف.
- تناوله مع خضروات غنية بالألياف لتسهيل الهضم وتقليل أي حمولة زائدة.
- إذا كنتِ حاملًا أو تُخططين للحمل، أو لديك حالات مرضية مثل النقرس أو الكوليسترول المرتفع، فاستشيري الطبيب أولًا قبل دمجه في نظامك الغذائي.